حوار مع فابريس بالانش نشر بتاريخ 10 تشرين الأول 2025 على منصة أرييون 24
- في كانون الثاني 2025، كنتم في سوريا، حيث سافرتم عبر عدّة مناطق. ما هو انطباعكم العام عن البلاد بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية؟
فابريس بالانش: منذ بداية الصراع في ربيع عام 2011، زرتُ سوريا كل عام لمتابعة تطوّر أوضاعها ميدانياً. وخلال الفترة الممتدة حتى عام 2016، سنحت لي الفرصة لزيارة دمشق، العاصمة، وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة نظام بشار الأسد (2000-2024). بعد ذلك، لم أعد أتمكن من الحصول على تأشيرة دخول، فاقتصرت زياراتي على المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال البلاد وشرقها، وهو ما أتاح لي الوصول إلى القامشلي، وكوباني، والرقة، ومنبج، وكذلك إلى الشويل جنوب شرق دير الزور. خلال سنوات الحرب، لاحظتُ آثارها على ظروف معيشة السكان، والانكفاء الطائفي، والتحولات العميقة التي شهدتها سوريا. فأثناء رحلتي إلى غرب البلاد في كانون الثاني 2025، لم يفاجئني حجم التدهور الحاد الذي يسود هناك.
جميع السوريين، على اختلاف مشاربهم، شعروا بالارتياح لسقوط بشار الأسد، لأنه تمكّن من أن يجعل نفسه مكروهاً من الجميع بسبب الفساد الشديد والنهب الذي كان سائداً في عهده. كما أن السوريين أدركوا أن تصلّبه في مواجهة تركيا، ورفضه التفاوض على انتقال سياسي، وغروره في التعامل مع الممالك الخليجية، كلّها أمور أعاقت أي حلّ للأزمة. أما وصول أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام إلى السلطة، فقد أثار مشاعر متباينة تبعاً للاختلافات الاجتماعية والطائفية. فالعرب السنّة من الطبقات الشعبية متحمّسون، والعلويون يخشون من انتقامٍ شامل، والأكراد يتوجّسون من فقدان استقلالهم الذاتي، في حين يبدي التقدميون والعلمانيون من مختلف الانتماءات الدينية والإثنية قلقاً من الطابع السلطوي والإسلامي المفترض للحكام الجدد.
- من الخارج، بدا سقوط بشار الأسد مفاجئاً، وكأن نظامه، الذي كان يُعدّ قويًا، لم يكن يستند إلى أي أساس حقيقي. ما هي المراحل الأساسية التي تفسّر هذا الانهيار؟
بالانش: لم يُسقط النظام خلال اثني عشر يومًا، بل بعد ثلاث عشرة سنة من الحرب الأهلية والمواجهة الدولية. تقع سوريا في قلب قوس الأزمات بين الغرب والمحور الأوراسي (إيران، روسيا، الصين). ومن المهم أيضًا الإشارة إلى عقودٍ من التخلف التي قوّضت الأسس الاقتصادية والاجتماعية للبنية السياسية الموروثة من ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
اعتمد بشار الأسد على عدّة ركائز، انهار بعضها خلال هذا الصراع. كانت الركيزة العلوية مصدر قوته القمعية، كما أشار إلى ذلك عالم الاجتماع الفرنسي ميشيل سورا (1947-1986) في كتابه سوريا، دولة الهمجية (1988)، إذ شبّهها بالمماليك المصريين (1250-1517). وبحلول عام 2024، كانت هذه الطائفة، المنحدرة من أحد فروع التشيّع، قد أُنهكت تمامًا: فواحد من كل أربعة رجال تتراوح أعمارهم بين 20 و45 عامًا قُتل، أما الباقون فلم يعودوا يرغبون في القتال.
أما الركيزة الثانية فكانت البرجوازية الصناعية والتجارية التي ازدهرت بفضل الحماية الاقتصادية. لكن العقوبات، والنهب المنهجي من قِبل النظام، ونقص الطاقة، وانعدام الآفاق المستقبلية، كلها عوامل أضعفتها تدريجيًا. أما الركيزة الثالثة فكانت القومية العربية التي تجسدت في حزب البعث. فقد ساهمت هذه الأيديولوجيا في خلق قدرٍ من الوحدة داخل المجتمع حول زعيمٍ يُصوَّر كمن يقاوم “العدو الصهيوني”. ومن المهم التأكيد أن نظام القمع الوحشي الذي كتم أنفاس أي معارضة لعقود طويلة، يفسّر جزئيًا شدة العنف الذي شهدته البلاد خلال ثلاثة عشر عامًا من الحرب الأهلية.
في عام 2018، كان النظام على وشك تحقيق النصر بفضل دعم روسيا وإيران، ولم يتبقّ له سوى القضاء على هيئة تحرير الشام والأكراد. غير أن ذلك كان يتطلب موافقة تركيا. وفيما يخصّ الأكراد، كان من المفترض أن تتكفل بهم أنقرة بعد انسحاب القوات الأمريكية. لكن هذه القوات لم تغادر، ما دفع الأتراك إلى رفض التضحية بهيئة تحرير الشام، خلافًا لما تم الاتفاق عليه ضمنيًا مع موسكو في آب 2016.
دخل الجيش التركي إلى إدلب في آذار 2020 لوضع حدٍّ للقتال. ثم فرضت جائحة كوفيد-19 توقفًا في العمليات العسكرية، وبعدها أجبرت حرب أوكرانيا، التي اندلعت في عام 2022، موسكو على التعامل مع تركيا بحذر واحترام، ما أدى فعليًا إلى بقاء إدلب خارج سيطرة النظام.
حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (الحاكم منذ 2012) دفع بشار الأسد إلى الحوار مع رجب طيب أردوغان (الحاكم منذ 2014)، لكن دون جدوى، بسبب تصلّب الأسد الذي اشترط انسحاب القوات التركية قبل أي تفاوض. هذا الجمود في موقفه بدا غير مفهوم، خاصة بعد 7 تشرين الأول 2023. فقد شكّلت تلك العملية الإرهابية تحوّلًا جيوسياسيًا كبيرًا بالنسبة لإسرائيل، يُقارن بهجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. وكان من المنتظر أن تليها تداعيات إقليمية واسعة النطاق.
لكن يبدو أن بشار الأسد لم يُدرِك أن الإسرائيليين سيسعون إلى قطع الامتداد الإيراني في سوريا، وكان أمامهم خياران لتحقيق ذلك: إما القضاء عليه مباشرة، أو دعم التمرّد. وقد أدّى تدمير إسرائيل للبنية التحتية الإيرانية في سوريا، إلى جانب الهجوم على حزب الله في لبنان عام 2024، إلى إضعاف النظام بشدة بعد أن فقد نحو 50 ألف مقاتل شيعي كانوا أساسيين في حمايته.
وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، اليوم الأول للهجوم الذي شنّته الفصائل المعارضة، كان “الثمر قد نضج بما فيه الكفاية ليسقط”.
- حكمَت عائلة الأسد سوريا لأكثر من نصف قرن. فما هي السمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي خلّفها مثل هذا التحكم الطويل بالسلطة؟
بالانش: لقد أرست أسرة الأسد هيمنتها بالاعتماد على نظام قمعي لا يرحم. ولا تزال الخشية وانعدام الثقة متجذّرتين في المجتمع السوري. ورغم أن حرية التعبير اتسعت قليلًا منذ سقوط النظام، فإن ردود الفعل الوقائية ما زالت حاضرة بقوة. كان الحكم يقوم على شبكة معقدة من علاقات الولاء بين الزعيم الأعلى ومختلف النخب في البلاد، سواء كانوا زعماء عشائر أو ضباط أجهزة أمنية أو عائلات تجارية نافذة أو شخصيات دينية. وكان النظام بذلك يُبقي على الانقسامات الطائفية والاجتماعية والمناطقية، التي كانت أحد أسباب فشل الانتفاضة في سنواتها الأولى. ومع استمرار الصراع، تعمّقت هذه الانقسامات، لأن العلاقات الأولية – العائلية والطائفية والمناطقية – هي التي باتت توفّر الأمان للأفراد.
- يُتداول كثيرًا في الحديث عن سوريا سيناريوان متطرفان: إما فوضى ليبية، أو ديكتاتورية إسلامية… أي استمرار للحرب الأهلية ومصدر جديد لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط. فما هي المسارات الأخرى الممكنة؟
بالانش: من المرجح أن تشهد سوريا وضعًا وسطًا بين هذين النقيضين. فقد يؤدي اتفاق بين المحور التركي-القطري والمحور الذي تقوده السعودية والإمارات إلى استقرار البلاد عبر إقامة نظام سلطوي يمنح بعض الاستثناءات من تطبيق الشريعة، بما يسمح للأقليات الدينية والعلمانيين بالبقاء في سوريا.
أما الدبلوماسيات الغربية، فقد أصبحت أكثر واقعية مما كانت عليه عام 2011، إذ لم تعد تتحدث سوى عن «حكومة شاملة» تحترم حقوق الأقليات، متجنّبة استخدام مصطلحي «الديمقراطية» و«العلمانية». ومع ذلك، إذا أظهر النظام الجديد عداءً لإسرائيل أو فشل في توحيد الفصائل المختلفة، فقد تنزلق البلاد إلى فوضى شبيهة بالسيناريو الليبي وتتفتت إلى دويلات صغيرة متعددة.
- انبثقت هيئة تحرير الشام من تنظيمي القاعدة وداعش، وهي تطمح إلى حكم البلاد. ما هو تقييم تجربتها في السلطة في إدلب؟ وهل تمتلك المقومات اللازمة لفرض نفسها على المستوى الوطني، وما هي مشاريعها في مجال الحكم؟
بالانش: في إدلب، أنشأت هيئة تحرير الشام إمارة إسلامية بالاعتماد على القوة والعون الإنساني الدولي والدعم التركي. وقد قضت على كل من عارض سلطتها المطلقة، سواء كانوا تقدميين مثل الصحافي والناشط السلمي رائد فارس (1972-2018)، الذي اغتيل في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 في كفرنبل، أو إسلاميين منافسين سعوا للهيمنة على المحافظة. بعد ذلك، تسللت إلى مختلف اللجان المحلية المستفيدة من المساعدات الإنسانية لكسب دعم السكان. وقد طُبّقت الشريعة في إدلب بطريقة براغماتية، سُمِح فيها مثلاً بالموسيقى والتدخين. كما أنشأت «حكومة الإنقاذ»، التي يوجد معظم وزرائها اليوم في دمشق بفضل خبرتهم في إدارة المنطقة.
ورغم أن إدلب ليست نموذجاً يمثل سوريا بأكملها، فهي منطقة فقيرة وريفية، محافظة في عاداتها وتقاليدها، ومتجانسة من حيث العِرق والدين. أما المجتمع المسيحي فلم يبقَ منه سوى بضع مئات من الأفراد، فيما تتألف الطائفة الدرزية في جبل السماق في معظمها من مسنين يعيشون في عزلة بين تلالهم. أما القرى العلوية والشيعية فقد أُبيدت خلال الصراع.
يسعى أحمد الشرع، كما فعل في إدلب، إلى تكرار التجربة ذاتها على مستوى سوريا ككل. إذ يهدف أولاً إلى توحيد الفصائل المتمردة تحت رايته، ثم الحصول على رفع العقوبات للاستفادة من دعم اقتصادي دولي كبير. ولتحقيق ذلك، يتبنى حالياً خطاباً تقدمياً ومُطمئناً. لكنه، بعد تحقيق أهدافه، سيفرض شموليته الكاملة. لذلك يجب أن يكون تعليق العقوبات المفروضة على سوريا تدريجياً ومشروطاً باحترام حقوق الإنسان، حتى لا نكرر الخطأ نفسه الذي ارتُكب مع بشار الأسد «الإصلاحي»، الذي حظي بثقة وتمويل سخي من الاتحاد الأوروبي وفرنسا حتى عام 2011.
- وفي شمال شرق البلاد، توجد إدارة ذاتية كردية منذ نحو عشر سنوات. ما هي علاقة هيئة تحرير الشام بهذه القوى الكردية؟ وما هو مستقبل هذه الكيان على المدى المتوسط أو البعيد؟
بالانش: يطالب أحمد الشرع بدمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الجيش السوري الجديد، ويرفض الإبقاء على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. هيئة تحرير الشام ليست في حالة حرب مباشرة مع قسد؛ بل إن الميليشيات الموالية لتركيا ضمن «الجيش الوطني السوري» هي التي طردتها من شمال حلب (تل رفعت) ومنبج في كانون الأول 2024. ولا تزال المعارك دائرة على ضفاف الفرات للسيطرة على سد تشرين شرق حلب. ومع ذلك، في كانون الثاني 2025، تمركزت هيئة تحرير الشام على الضفة الجنوبية للفرات، في دير الزور والبوكمال ومعان (قرب الرقة)، استعداداً للسيطرة على المنطقة في حال شنّ الجيش الوطني السوري وتركيا هجوماً من الشمال.
يفضّل الرئيس المؤقت الجديد تجنب مواجهة مباشرة بين قواته وقوات قسد، لأن ذلك قد يضر بمساعي رفع العقوبات الدولية. ومع ذلك، فإن طموحه يتمثل في إنهاء وجود الإدارة الذاتية الكردية؛ فهو لا يسعى إلى إقامة سوريا اتحادية، بل جمهورية مركزية. وفي هذا السياق، لن تتمكن الإدارة الكردية من البقاء على أرض محدودة إلا بدعم أميركي كبير أو في حال تحقّق سيناريو ليبي جديد.
- كيف تتصورون عمل العدالة فيما يتعلق بجرائم نظام الأسد؟
بالانش: إن النظام القضائي السوري في حالة يرثى لها. فقد كان خلال فترة النظام أداة بيد السلطة، واليوم بدأت تتشكل عدالة «إسلامية» يرأسها أشخاص لا يتمتعون بالكفاءة أو النزاهة. من الأفضل أن يُحاكم مرتكبو جرائم الحرب أمام محكمة دولية تملك الموارد اللازمة لملاحقة الفارين المقيمين في دبي أو موسكو أو أماكن أخرى. وإذا لم يحدث ذلك، فسنخاطر بألّا يُدان سوى المساعدين الصغار أمام محاكم محلية تفتقر إلى الحياد، أو أن نشهد عمليات إعدام فورية من دون محاكمات. هناك رغبة مشروعة لدى جميع السوريين في تحقيق العدالة لضحايا الدكتاتورية.
ومع ذلك، يجب أيضاً طرح مسألة الانتهاكات التي ارتكبتها فصائل المعارضة السورية، بما في ذلك تلك التي قامت بها هيئة تحرير الشام. فماذا سيحدث إذا قرر أقارب رائد فارس رفع دعوى قضائية ضدّ قتَلتِه؟ لدينا بالفعل مثال مجدي نعمة، الذي أُوقف في مرسيليا في كانون الثاني/يناير 2020 بينما كان في فرنسا بتأشيرة طالب. هذا المقاتل الإسلامي السابق في فصيل “جيش الإسلام” متهم بالمشاركة في اختطاف المحامية والصحفية السورية رزان زيتونة وزوجها وائل حمادة واثنين من زملائهما في 9 كانون الأول/ديسمبر 2013. ومن المقرر أن تبدأ محاكمته في نيسان/أبريل 2025.
- ما الخطوات اللازمة لإعادة إعمار اقتصادية سليمة وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين والنازحين؟
بالانش: قبل كل شيء، من الضروري إعادة تأمين الكهرباء وضمان الأمن في أنحاء البلاد كافة. ثم يجب القضاء على الفساد الذي نخر سوريا لعقود وبلغ ذروته خلال الحرب. ولمعالجة ذلك، ينبغي على الدولة أن توفر أجوراً كافية لموظفيها، إذ إن تحسين الدخل يشكل خطوة أساسية للقضاء على الفساد. فكيف يمكن مقاومة الرشوة إذا كان الراتب لا يكفي لتأمين احتياجات الأسرة؟
إذا تحققت هذه الشروط الثلاثة، ستتعافى الاقتصاد السوري تلقائياً، لأن السوريين يتمتعون بروح المبادرة والعمل. غير أن ذلك لا يضمن عودة نحو 8 ملايين لاجئ و7 ملايين نازح. فالكثير ممن أعادوا بناء حياتهم في أوروبا أو أميركا الشمالية اندمجوا في مجتمعاتهم الجديدة، ويفضلون غالباً انتظار الحصول على الجنسية قبل التفكير في العودة إلى سوريا. أما أولئك الذين يعيشون في ظروف صعبة في لبنان والأردن وتركيا، فهم الأكثر استعداداً للعودة بسرعة، بشرط إعادة الخدمات الأساسية وتأمين فرص عمل بأجور لائقة. وتُعد تحويلاتهم المالية لعائلاتهم مصدر بقاء حيوياً لهذه الأخيرة.
كيف تقيّمون دور تركيا، التي تتواجد عسكرياً وتتحالف مع هيئة تحرير الشام، في مستقبل سوريا؟
بالانش: تركيا اليوم هي القوة المهيمنة في سوريا. فقد دعمت هيئة تحرير الشام خلال الحرب، ثم وفرت لها الموارد اللازمة للهجوم المضاد ولإسقاط النظام. وأصبح مركز السلطة في دمشق هو السفارة التركية أكثر من القصر الرئاسي. ومع ذلك، سيتعيّن على أنقرة إيجاد توازن مع السعودية والإمارات لتجنب زعزعة الاستقرار الداخلي، إذ إن الرياض وأبوظبي لا تنظران بعين الرضا إلى «بعث» الإمبراطورية العثمانية في المشرق. أما قطر فسيُطلب منها المساهمة في تمويل إعادة الإعمار، التي ستُسند عقودها إلى شركات تركية. كما ستُدعى الاتحاد الأوروبي إلى دعم هذه العملية، لأن أنقرة تستخدم منذ عام 2015 ورقة «الابتزاز باللاجئين» للحصول على الأموال الأوروبية.
- هل يمكن تصور توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل؟
بالانش: ترى إسرائيل في سقوط بشار الأسد حدثاً تاريخياً، وهي ترغب في توقيع معاهدة سلام مع دمشق، مع احتفاظها بمرتفعات الجولان التي تحتلها منذ عام 1967. وفي أفضل الأحوال، قد تعيد فقط ما استولت عليه في كانون الأول/ديسمبر 2024، أي جبل الشيخ والقرى الدرزية المحيطة به. سوريا منهكة اليوم، ولم تعد قادرة على الاعتماد على جيشها بعد أن دمّرت إسرائيل بنيتها العسكرية في 8 كانون الأول/ديسمبر. كما فقدت دعم «محور المقاومة» بعد طردها لإيران. وهي تحتاج الآن إلى المساعدة الأميركية، لكن الرئيس دونالد ترامب (2017-2021، ومنذ كانون الثاني 2025) كان قد اعترف عام 2018 بضم إسرائيل للجولان، ويسعى إلى توسيع «اتفاقات أبراهام» لتشمل جميع الدول العربية. وهذا لا يترك أمام أحمد الشرع خيارات كثيرة إذا أراد الحصول على دعم دولي لإعادة إعمار سوريا وضمان بقائه في الحكم.
ومع ذلك، فهل يمكن لرئيس دولة حمل طوال عقدين الاسم الحركي «أبو محمد الجولاني» – المستمد من الجولان – والمشبَع بأيديولوجيا إسلامية، أن يتخلى عن ذلك؟ إذا فعل، فسيكون ذلك دليلاً على أنه قطع فعلاً صلته بتنظيم القاعدة وبماضيه الجهادي.
أُجرى الحوار غيّوم فورمون (شباط 2025).
ترجمه إلى العربية أسامة حرفوش.