لوفيجارو، الجمعة 13 يونيو 2025، بقلم أموري كوتانساي-بيرفينكيير
مقابلة – “إسرائيل ستكرر ما فعلته في لبنان ضد حزب الله في إيران، من خلال ضرب قادة النظام والبنية التحتية له”، كما يشير المتخصص في شؤون الشرق الأوسط.
فابريس بالانش محاضر في الجغرافيا بجامعة ليون الثانية. متخصص في شؤون الشرق الأوسط، وهو مؤلف كتاب “دروس من الأزمة السورية” (أوديل جاكوب، ٢٠٢٤).
لوفيغارو – شنّت إسرائيل هجوماً على إيران ليلاً، مستهدفةً منشآت نووية وقيادات عسكرية. فلماذا هذا الهجوم في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات بين نظام الملالي والولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني؟
فابريس بالانش: بالنسبة لإسرائيل، التوقيت مناسب. منح دونالد ترامب مهلة 60 يوماً للمفاوضات؛ والآن نحن في اليوم الحادي والستين. لم يكن الإيرانيون يريدون تفكيك برنامجهم الخاص بتخصيب اليورانيوم (الضروري لتطوير قنبلة ذرية، “ملاحظة مضافة من قِبل المحرر”) كما طلب الرئيس الأمريكي. فقد طُلب منهم استيراد اليورانيوم المخصب إذا كانوا يريدون استخدامه لأغراض الطاقة المدنية، وألّا يقوموا بتخصيبه بأنفسهم، حتى لا يتمكنوا من استخدامه في قدرات عسكرية. وقد عمد الإيرانيون إلى إطالة أمد هذه المفاوضات. لكن كان هناك اتفاق ضمني بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، لفرملة التحرك الإسرائيلي خلال فترة المفاوضات. وكان هناك شكوك لدى الإسرائيليين حول مآل هذه المفاوضات، فتصرفوا بناءً على ذلك. يريد الإيرانيون امتلاك القنبلة النووية لتحصين أراضيهم، وإرسال حلفائهم في المنطقة لمهاجمة خصومهم. وهم يعتقدون أن القنبلة النووية تتيح لهم أيضا غزو جيرانهم دون التعرّض لردّ فعل، كما فعلت روسيا في أوكرانيا. وبما أن إسرائيل شعرت بالتهديد، فقد سعت إلى الالتفاف على هذه التهديد.
لوفيجارو: حتى الآن، باستثناء هجومين صاروخيين بين إسرائيل وإيران في عام 2024، فإن المواجهة بين البلدين جرت من خلال حلفاء بالوكالة: حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، ونظام بشار الأسد في سوريا… وقد تم إضعافهم جميعاً أو تحييدهم منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول. فهل كانت المواجهة المباشرة حتمية؟
بالانش: في الواقع، كانت حماس أول هدف للانتقام بعد 7 أكتوبر. ثم حزب الله في لبنان، لأنه في حال وقوع هجوم على إيران، لن تستطيع إسرائيل تحمّل تهديد من الشمال. وفي النهاية، لتجنب إعادة تعويم حزب الله، كان سقوط النظام السوري أمراً حتمياً. ويتجلى هذا في قصف الجيش الإسرائيلي بانتظام لمواقع موالية لإيران في سوريا، وخاصةً منذ 7 أكتوبر. ستكون المواجهة طويلة الأمد؛ سنشهد أسبوعاً على الأقل من الضربات الإسرائيلية في إيران. ستكرر إسرائيل ضد إيران ما فعلته في لبنان ضد حزب الله بضرب مسؤولي النظام وبنيته التحتية. أعتقد أن إسرائيل ستضرب منشآت الغاز والنفط بالإضافة إلى البنية التحتية النووية، لأن هذا سيهدد اقتصاد إيران. سيتعين على نظام الملالي حينها الاختيار بين إعادة بناء المنشآت المدنية لإطعام شعبه وإنعاش اقتصاده، أو إعادة استثمار عشرات المليارات في برنامجه النووي. أشك في أن الشعب سيقبل الحل الأخير، فالنظام لا يحظى بشعبية كبيرة، كما أظهرت احتجاجات “المرأة والحياة والحرية” عام 2022.
لوفيغارو: هل نجحت إسرائيل في خلق منطقة أمنية حول نفسها من خلال إزالة التهديد الذي يشكله حلفاء إيران؟
بالانش: لا. حماس مُحيّدة، لكن حزب الله مُحيّد جزئياً فقط، ولا تزال إيران تمتلك قدرتها على التسبب بالأذى. ستحتاج هذه النقطة الأخيرة إلى تحليل بعد أسبوع من الضربات. بالطبع، شكلت الأشهر القليلة الماضية سابقة لحلفاء إيران. ولكن بينما قد تكون إسرائيل قادرة على صد تهديد الصواريخ الباليستية، إلا أنها تواجه تهديداً أكثر إلحاحاً: التركيبة السكانية. في عام 2007، بلغ عدد سكان فلسطين التاريخية 10.7 مليون نسمة، 51% منهم يهود، و46% عرب، و3% أجانب. بحلول عام 2023، سيبلغ عدد السكان 15.3 مليون نسمة، 47% منهم يهود، و49% عرب، و4% أجانب. في الضفة الغربية، وعلى الرغم من زيادة المستوطنات الإسرائيلية، كان 17% من السكان يهوداً في عام 2007، وسيرتفع هذا الرقم إلى 13% في عام 2023. في النهاية فإن النمو السكاني الإسرائيلي مدفوع بالمتدينين الأرثوذكس، الذين يرفضون الخدمة العسكرية. تُعتبر التركيبة السكانية الفلسطينية، بالنسبة لإسرائيل، بمثابة قنبلة موقوتة. وهذا يُفسر جزئياً رغبة بنيامين نتنياهو في إجلاء سكان غزة إلى دول أخرى.
لوفيغارو: ما هو رد الفعل الذي يمكن أن نتوقعه من إيران على هذه الضربات؟
بالانش: أطلق النظام طائرات مسيرة. يمكنه إطلاق وابل من الصواريخ، كما فعل مرتين في عام 2024، لكن رده سيكون طويل الأمد عبر حلفائه الإقليميين. على المدى القصير، تبدو خياراته محدودة. حزب الله ضعيف للغاية، والأسطول الأمريكي يبحر قبالة مواقع الحوثيين في اليمن. إذا تعرضت القواعد الأمريكية للضرب في الخليج أو العراق، فسيعطي ذلك دونالد ترامب مبرراً للتحول من الدعم الدفاعي لإسرائيل إلى الدعم الهجومي. لا تزال المفاوضات النووية مفتوحة بالنسبة للأمريكيين؛ وهذا يوفر لإيران طريق خروج، حتى لو كان من غير المرجح أن يسير فيه الملالي. في هذه المواجهة، لا يمكن لإيران الاعتماد على روسيا، المحتلّة في أوكرانيا، ولا على الصين، المترددة في التدخل عسكرياً. هناك خشية من عودتها إلى الهجمات والمضايقات للمصالح الغربية.
لوفيغارو: في الختام، كيف يمكننا أن نفهم رد فعل الدول العربية في المنطقة، التي عادة ما تكون حذرة من إيران؟
بالانش: هم يخشون الرد الإيراني. ردود الفعل العربية منافقة. يُدينون الهجوم الإسرائيلي رسمياً، لكنهم سعداء به للغاية، فما من دولة ترغب في أن تكون إيران دولة نووية. يجب الإشارة إلى أن هذه الضربات أتت بعد زيارة دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، حيث جمع ما يقرب من تريليون دولار. من المرجح جداً أن الرئيس الأمريكي تحدث إليهم بشأنها، وأنه تلقى استثمارات رداً على ذلك. كشكرٍ على الحماية الأمريكية.
فابريس بالانش
أستاذ محاضر في جامعة ليون 2
ترجمة أسامة حرفوش